responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 229
بَابُ التَّيَمُّمِ ثَلَّثَ بِهِ تَأَسِّيًا بِالْكِتَابِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِلَا ارْتِيَابٍ. (هُوَ) لُغَةً: الْقَصْدُ. وَشَرْعًا (قَصْدُ صَعِيدٍ) شُرِطَ الْقَصْدُ؛ لِأَنَّهُ النِّيَّةُ (مُطَهَّرٌ) خَرَجَ الْأَرْضُ الْمُتَنَجِّسَةُ إذَا جَفَّتْ فَإِنَّهَا كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ (وَاسْتِعْمَالُهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَجِسٌ، وَبِهِ صَرَّحَ الشَّارِحُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الَّتِي أَنْتَنَ لَحْمُهَا كَمَا قَدَّمْنَا، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الَّذِي هُوَ مِنْ مِنَحِ الْعَلِيمِ الْخَبِيرِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نَعْمَائِهِ وَتَوَاتُرِ آلَائِهِ.

[بَابُ التَّيَمُّمِ]
[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]
بَابُ التَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ ثَلَّثَ بِهِ) أَيْ جَعَلَهُ ثَالِثًا لِلْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ: أَيْ ذَكَرَهُ بَعْدَهُمَا اقْتِدَاءً بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَعْنِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةَ فَإِنَّهُ ثَلَّثَ بِهِ فِيهَا، وَأَيْضًا فَهُوَ خَلَفٌ عَنْهُمَا، وَالْخَلَفُ يَتْبَعُ الْأَصْلَ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) دَلِيلُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْت بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ. وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ - وَفِي رِوَايَةٍ - وَلِأُمَّتِي مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَأُعْطِيت الشَّفَاعَةَ وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْت إلَى النَّاسِ عَامَّةً» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، بَلْ قَالَ السُّيُوطِيّ إنَّهُ مُتَوَاتِرٌ
، فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ بِلَا ارْتِيَابٍ، وَفِيهِ رَمْزٌ إلَى مَا فِي اخْتِصَاصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْوُضُوءِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ) أَيْ مُطْلَقُ الْقَصْدِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} [البقرة: 267] بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ الْقَصْدُ إلَى مُعَظَّمٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاصْطِلَاحًا عَلَى مَا فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ الْقَصْدُ إلَى الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ لِلتَّطْهِيرِ، وَعَلَى مَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُ الصَّعِيدِ فِي عُضْوَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ عَلَى قَصْدِ التَّطْهِيرِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ.
وَزُيِّفَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْقَصْدَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ. وَالثَّانِيَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِعْمَالُ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ حَتَّى يَجُوزَ بِالْحَجَرِ الْأَمْلَسِ، فَالْحَقُّ أَنَّهُ اسْمٌ لِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ عَنْ الصَّعِيدِ الطَّاهِرِ، وَالْقَصْدُ شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ النِّيَّةُ. اهـ وَهَذَا مَا حَقَّقَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ شُرِطَ الْقَصْدُ إلَخْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَفِيهِ تُوُرِّكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ تَرْكِيبَهُ يَقْتَضِي أَنَّ حَقِيقَتَهُ الْقَصْدُ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ، وَكَذَا الصَّعِيدُ، وَكَوْنُهُ مُطَهِّرًا كَمَا أَفَادَهُ ح فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ خَرَجَ إلَخْ) وَلِذَا لَمْ يَقُلْ طَاهِرٌ كَمَا مَرَّ عَنْ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ طَاهِرَةٌ غَيْرُ مُطَهَّرَةٍ (قَوْلُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّعْرِيفُ الثَّانِي الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ؛ وَأَرَادَ بِالصِّفَةِ الْمَخْصُوصَةِ مَا سَيَأْتِي، أَوْ مَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ فِي عُضْوَيْنِ مَخْصُوصَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ، وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْقُرْبَةِ هُوَ مَعْنَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى قَصْدِ التَّطْهِيرِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إلَخْ جَوَابٌ عَنْ الْإِيرَادِ الْمَارِّ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ، إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَجَرَ الْأَمْلَسَ جُزْءٌ مِنْ الْأَرْضِ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعُضْوَيْنِ لِلتَّطْهِيرِ، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَخْذَ جُزْءٍ مِنْهَا بَلْ جَعْلَهُ آلَةً لِلتَّطْهِيرِ.
، وَعَلَيْهِ فَهُوَ اسْتِعْمَالٌ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّهْرِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَوْ حُكْمًا كَمَا أَفَادَهُ ط، وَبِمَا قَرَّرْنَا ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ التَّعْرِيفَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ عَنْ الْمَشَايِخِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ جَعْلَهُمَا تَعْرِيفًا وَاحِدًا إذْ لَا بُدَّ فِي الْأَلْفَاظِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ اللُّغَوِيَّةِ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ غَالِبًا، وَيَكُونَ الْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ أَخَصَّ مِنْ اللُّغَوِيِّ، وَلِذَا عَرَّفَ الْمَشَايِخُ الْحَجَّ بِأَنَّهُ قَصْدٌ خَاصٌّ بِزِيَادَةِ أَوْصَافٍ مَخْصُوصَةٍ، وَمَا مَرَّ مِنْ الْإِيرَادِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَصْدَ شَرْطٌ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ غَيْرُ وَارِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ قَصْدُ عِبَادَةٍ مَقْصُودَةٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي لَا قَصْدُ نَفْسِ الصَّعِيدِ، عَلَى أَنَّ الْمَعَانِيَ الشَّرْعِيَّةَ لَا تُوجَدُ بِدُونِ شُرُوطِهَا؛ فَمَنْ صَلَّى بِلَا طَهَارَةٍ مَثَلًا

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست